علم المنطق
تفكير الإنسان
خلق اللَّه سبحانه وتعالى الإنسان وأودع فيه قوة العقل والتفكير، والتي يستطيع من خلالها أن يواجه ما يعترضه في حياته، وينمّي من خلالها مدركاته ومعلوماته، ويتعرف على ما يجهله، ويستنتج بما اتسعت قدراته العقلية والفكرية.
حاجتنا إلى المنطق
لكننا نلاحظ أنَّ هذا الإنسان العاقل المفكّر لا يصيب دائماً، فقد يخطئ في إدراكه وتصوره للأشياء وللمفاهيم أو يخطئ في نقلها إلى غيره، فمثلاً: قد يُسأل عن شيء يصدر صوتاً فيجيب (مع علمه أنها سيارة) آلة معدنية لها محرك، فيعتقد السامع أنها دراجة نارية، فمنشأ هذا الخطأ هو في عدم صحة التعريف المحدد لذلك الشيء.
وكذلك عندما يستنتج ذلك الإنسان أن صاحبه زيداً في المنزل لأنه رأى سيارته أمام منزله (مع أن صاحبه زيداً ليس في منزله)، فهو رتّب مقدمات استنتاجه على الشكل التالي: كلما كانت سيارة زيد أمام منزله فيكون في المنزل، وسيارته أمام المنزل، فزيد في المنزل، ومنشأ هذا الخطأ الاعتقاد بالتلازم الدائم بين وجود
سيارة زيد أمام منزله ووجوده في المنزل.
من هنا نشأت الحاجة إلى علم ينظّم أفكار الإنسان ويصحح عمليات تفكيره، وهذا العلم هو علم المنطق، فهو الوسيلة التي تشتمل على قواعد عامة لو اتبعها الإنسان لتوصل إلى إنتاج الأفكار الصحيحة.
كما نشأ علم النحو لصون اللسان عن الوقوع في الخطء
وعلم التجويد لمعرفة مخارج الحروف والقراءة الصحيحة وهكذا باقي العلوم .
ماذا يبحث علم المنطق؟
بعض المعلومات التي يحصل عليها الإنسان لا تحتاج إلى إعمال الفكر وتنظيم عمليات فكرية، بل بمجرد مواجهة هذا الأمر يدركه ويعرفه ويستنتجه، كعلمه بأن الواحد نصف الاثنين.
وهذا ما نسميه بالبديهيات اى التي لا تحتاج الى اعمال فكر ونظر
لكن بعض الأمور يحتاج في إدراكها إلى إعمال الفكر حتى تضاف إلى معلومات الإنسان.
وهذا القسم الذي سوف يدور بحثنا ودروسنا حوله في الحلقات القادمة ان شاء الله
وعمليات الفكر الإنساني تدور حول محورين رئيسين:
الأول: إدراك الأشياء والمفاهيم، أي معرفة ما يجهله بنحو واضح وجلي وتمييزه عن غيره.
فمثلاً: قد يسأل شخص عن ذلك الشيء الموجود في الظلام على ضفاف النهر، فيُجاب أنه جسم نامٍ مثمر، فيفهم السائل أنه شجر أو نبات ولكن لا يميزه عن غيره فيسأل عن خصوصياته، فيُقال له إنه مثمر بالتمر وذو سعف، فيفهم السائل أنه شجر النخيل. فالمجيب قد رتب عمليات فكرية بطريقة ما حتى وضحت صورة هذا الشيء المجهول فنقله إلى شيء معلوم.
الثاني: الإستدلال على الأفكار بشكل صحيح، أي إقامة الدليل على أمرٍ ما وإثبات صحته أو كذبه.
وهنا لا بد من الاشارة بان معظم الناس يعرفون المنطق الا انه لا يعرفون تنظيم القواعد والاستدلال بطريقة سليمة
فمثلاً: عند إرادتك الإستدلال على أمر ما، كمساواة مجموع زوايا المثلث لمجموع زوايتين قائمتين، فيقوم ذهنك بترتيب معلومات حاضرة بطريقة تصل إلى الحكم بصحة هذه القضية أو كذبها، فإذا أقمت الدليل على المساواة بين
هذه الزوايا تذعن النفس لهذه النتيجة.
فعلم المنطق يقدِّم لك من خلال قواعده كيفية ترتيب وتأليف المعلومات المخزونة والحاضرة عند الإنسان ليتوصل بها إلى إدراك الأشياء والمفاهيم المجهولة التي تحتاج إلى فكر ونظر، وإضافتها إلى رصيد معلوماته المخزونة، هذا في المحور الأول. أما في المحور الثاني فيبحث عن كيفية ترتيب وتنظيم المعلومات الحاضرة عند الإنسان للإستدلال على المطلوب».
تعريف علم المنطق
المنطق: «آلة قانونية تعصم مراعتها الذهن عن الخطأ في الفكر».فهو من العلوم الآلية التي تُستخدم لخدمة أمر آخر، فيُعلِّم كيفية ترتيب المعلومات الحاضرة والمخزونة للتوصل إلى أمور غائبة مجهولة تُطلب معرفتها. فالإنسان يحتاج إلى تعلَّم القواعد المنطقية ومراعاتها حتى في العلوم الأخرى لفهمها أو حل مسائلها وقضاياها. لذا سُمي علم المنطق «بخادم العلوم».
اخواني اعلموا ان دروس المنطق عي دروس مترابطة مع بعضها البعض فالمتاخر متوقف على المتقدم في الفهم